إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
أسماء الله وصفاته
33588 مشاهدة print word pdf
line-top
إثبات صفة القدرة لله تعالى


وأما صفة القدرة؛ فيعتقد المسلمون أيضا أن الله على كل شيء قدير، وأنه لا يعجزه شيء، ولا يخرج عن قدرته شيء، قادر على كل شيء، على الموجودات والمعدومات وما أشبهها، ولا شك أيضا أن القدرة صفة كمال، وأن ضدها الذي هو العجز صفة نقص، إذا اتصف بها المخلوق اتصف بصفة تلحقه بالعجزة ونحوهم، الله تعالى موصوف بالقدرة وموصوف بأنه لا يعجزه شيء ولا يخرج عن قدرته شيء.
في القرآن يتكرر قول الله تعالى: وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ويثبت من أسمائه القدير أنه العليم القدير. وكلمة القدير اسم من أسماء الله التي هي من الأسماء الحسنى، ويستدل به على إثبات القدرة، القدرة العامة التي لا يخرج عنها شيء؛ أي لا يعجزه شيء من مخلوقاته، وذلك لأن المخلوقات كلها خاضعة لتصرفه، فهو الذي يتصرف فيها كيف يشاء، فهو الذي يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، هذا من آثار قدرته؛ أعني: أعطى هؤلاء ومنحهم ومن عليهم وتفضل عليهم من آثار قدرته، ومنع آخرين مما أعطاه هؤلاء وذلك من آثار قدرته.
وقد يكون الإنسان يحاول ويبذل الجهد؛ فلا يقدر على ما يريده؛ وذلك لأن الله ما أقدره على ما يريده، والآخر قد تكون استطاعته وإمكانيته أقل ومع ذلك يقدره الله ويمن عليه ويعطيه أكثر من غيره. فذلك بلا شك من آثار قدرته، كما أنه هو الذي يحيي ويميت، يقدر على أن يعمر هذا زمنا طويلا، وأن يقصر عمر هذا. يميت هذا في زمن قصير وفي عمر قصير، ويمد في عمر الآخر، كذلك أيضا يعز من يشاء، ويذل من يشاء؛ أي: إن هذا يمكنه ويعزه ويرفعه ويرفع إمكانياته، والآخر يذله ويهينه ويحقر من شأنه ويقلل من إمكانياته، وكل ذلك من آثار القدرة، وأن الله تعالى قادر على كل شيء.
وكذلك أيضا من آثاره التقدير، ومن آثاره الخلق، قال تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ومعنى ذلك: أنه هو الموجد لكل شيء بقدرته، الخالق للصغير والكبير، والبهيم والناطق. الخالق للجميع، جميع الدواب وجميع الحشرات وجدت بقدرته وبمشيئته وبتمكينه، تمكينه للعباد وتمكينه لهؤلاء الذين منحهم هذه القدرة.
الإيمان بأن الله على كل شيء قدير يكسب العبد فائدة وهي استحضار قدرة الله عليه. إذا آمن بأن الله قادر عليه فإنه يهابه ويراقبه، يعلم بأنه أينما كان فهو تحت سلطان الله تعالى وتحت تصرفه وتحت تقديره، وأن الله تعالى بيده ملكوت كل شيء، وأنه الذي يعطي ويمنع، ويصل ويقطع، ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، وأنه لا يعجزه شيء مهما تحصن الإنسان مما يتحصن به. إذا حدثته نفسه أن يهم بمعصية أو يعمل ذنبا فيقول أو تقول له نفسه: إنك سوف تنجو، يرجع إلى نفسه ويقول: أليس الله تعالى قادرا على أن ينتقم مني وينتقم من العصاة ونحوهم؟! بلى. إنه قادر على أن ينتقم من هؤلاء، وأن يبطش بهؤلاء، وأن يعذب هؤلاء، كما أنه عذب الكافرين، وانتقم من العصاة ونحوهم، فهو قادر على أن يعذبني إذا عصيته؛ فتكون هذه فائدة عظيمة. من آمن بواسع قدرة الله تعالى فإنه -بلا شك- يخاف الله، ويحذر سطوته ويحذر بطشه، إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ بطشه يعني: أخذه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته وقرأ قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ يعني: أنه شديد العقاب.
فيكتسب المؤمن الذي يعتقد كمال قدرة الله تعالى أن يراقب الله، وأن يخافه وأن يحذر من بطشه، وأن يعلم أنه قادر عليه. قادر علينا ولو تحصنا بأية حصون، ولو احترسنا بأية حرس ولو تحفظنا بما نتحفظ به من أبنية ومن حراس ومن قوة ومن أسلحة وغير ذلك؛ فإنها كلها لا تحول دون قدرة الله، ودون بطشه ودون أخذه لمن ظلم، يقدر الله أن ينتقم منه، فإنه عزيز ذو انتقام، هذه آثار قدرة الله تعالى.

line-bottom